تدرَّجت حِدَّة الصراع بين الإنسان والبيئة الطبيعية بمرور الأجيال
والأزمان، حيث كان الإنسان في بداية نشأته يستخدم الأدوات اليسيرة في تعامُله مع
الطبيعة، وفي ظلِّ التقدم الحضاري، ونُمُوِّ القدرات البشرية الخلاَّقة، والتطور
التدريجي على مرِّ العصور - ظهرت الآثار المدمرة على البيئة من جانب، وعلى الإنسان
نفسه من جانب آخر، حيث أنَّ الصراع الجديد من أجل الحياة، ثُمَّ من أجل تحقيق
الرفاهية والرخاء في المعيشة - أصبح يُلهيه عن الأخطار المحيطة به، والتي تُهدد
أمنه وبقاءه، وتُهدد البيئة من حوله، وهذا أدركه الكثير من دُوَل العالم في مجال
علاقة "المواجهة بين التَّحدي البيئي ومستقبلِ كوكب الأرض".
فيعيش الإنسان في البيئة، ويتعاملُ مع مُكوناتها، ويؤثر فيها ويتأثر بها، محاولاً
توفير حاجاته الضرورية لبقائه واستمراره، ففي الماضي كان هناك وِفاق بين الإنسان
وبيئته، بحيث كانت تكفيه مُكوِّناتُها ومواردها وثرواتها؛ إلاَّ أن الزيادة الكبيرة في أعداد
السُّكان انعكست على البيئة في ظهور كثير من المشكلات، مثل: استنزاف وإهدار الموارد والثَّروات
الطبيعية، وانحسار التربة الزراعيَّة، وتَدَنِّي خصوبته ، وبالتالي نَقْص الغذاء
وزيادة حجم الفَضَلات والمخلَّفات والنفايات.
بذلك التلوث الذي نخشى عواقبَه بالنسبة لتكوين المياه أو الهواء أو
التربة - تتأثر سلبيًّا المواردُ الأساسيةُ التي يعتمد عليها الإنسان في حياته،
وغالبًا ما تنشأ هذه المتغيرات البيئية كناتج فرعي لعمليات التقدم التكنولوجي في
المجالات المختلفة و التي حدثت بعد الثورة الصناعية في أوروبا واكتشاف النفط في الشرق الأوسط، وما صاحب ذلك من عمليات واسعة في مجال قطع الأخشاب وتعدين
الحديد وإنتاج النفايات
وصيد الحيوانات وغيرها من الأنشطة المؤثرة على البيئة، والتي لم تشهدها القرون السابقة أو بفعل الإنسان نفسه، ولكن الواضح أنَّ إدراكَ أهمية
حماية البيئة من هذه المكونات جاء متأخرًا بعد أن تعرَّضَت معظم عناصرها للتخريب
والتبديد.
إنَّ الإنسان أمضى نصف تاريخه على الأرض يحمي نفسه من تهديدات ومخاطر
البيئة، وسيمضي النِّصف الآخر يحمي البيئة من آثار نشاطه الزراعي والصناعي، وأصبحت
البيئة هي التي تُعاني تَهديدَ الإنسان لها وتأثيره الضارَّ عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق